الأضحية في الإسلام... دليل شامل للمسلم


تعريف الأضحية:

الأُضحية هي ما يُذبح من بهيمة الأنعام أيام عيد الأضحى، تقربًا إلى الله تعالى، بشرائط مخصوصة، والأضحية ثابتةٌ بالكتاب والسنَّة والإجماع.


حكم الأضحية:

أجمع جمهور الفقهاء على أن الأضحية سُنَّةٌ مؤكّدة، وهو مذهب الشافعي وأحمد ومالك في المشهور عنه وابن حزم الظاهري، وذهب آخرون إلى أن الأضحية واجبةٌ على الموسِر القادِر، وهو مذهب أبي حنيفة والليث والأوزاعي ومالك في قولٍ عنه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.

والراجح - والله أعلم – قول الجمهور، وهو أن الأضحية سُنَّةٌ مؤكدة بحقِّ من قَدِر عليها.


شروط الأضحية:

يُشترط للأضحية أربعةُ شروطٍ أساسية، وهي:

  1. أن تكون من بهيمة الأنعام هي: الإبل، والبقر، والغنم (ضأنها ومعوها)، وفي بعض البلدان يُطلق اسم الغنم على الضأن فقط.
  2. بأن تكون جَذَعَة من الضأن، أو ثَنِيَّة من غيره، فالثنيُّ من الإبل: ما تمَّ له خمسُ سنين، والثنيُّ من البقر: ما تمَّ له سنتان، والثنيُّ من الغنم: ما تمَّ له سنة، أما الجذع من الغنم: فما تمَّ له نصف سنة... فلا تصحُّ التضحيةُ بما دون الثنيِّ من الإبل والبقر والمعز، ولا بما دون الجّذّعّة من الضأن.
  3. أن تكون خاليةً من العيوب: والعيوب التي تُرَدُّ بها الأضحية أربعة، ذكرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله: {أربعٌ لا يُجْزِينَ في الأضاحي: العَوْرَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا، والمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا، والعَرْجَاءُ البَيِّنُ عَرَجُهَا، والكَسِيرَةُ الَّتِي لا تُنْقِي}. حديث صحيح، رواه أبو داوود وغيره، ويُلحَقُ بهذه العيوب الأربعة ما كان مثلها أو أشدَّ منها، كالعمياء التي لا تُبصر، ومقطوعةُ إحدى اليدين أو الرِّجلين، والمبشومة، والعاجزة عن المشي...إلخإلا أنَّ هناك عيوبًا تُكرهُ في الأضحية لكنها تُجزئ، كمشقوقة الأُذن، ومكسورة القَرْن، ومبتورة بعض الذنب، والتي سقطتْ بعض أسنانها...إلخ.
  4. أن تكون الأضحية مِلكًا للمضحي؛ فلا تَصِحُّ التضحية بما لا يملكه المضحي، كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه؛ لأن الله طيِّبٌ لا يقبلُ إلّا طيِّبًا، ولا يُصحُّ التقرُّب إليه سبحانه بمعصيته.

ما يُستحب في الأضحية:

يُستحب اختيار الأكثر لحمًا، الأكمل خِلقةً، الأحسن منظرًا، فَعنْ أَبِي أُمامة بْنِ سهلٍ (رضي الله عنه) قال: "كنا نُسَمِّنُ الأُضحيةَ بالمدِينَة، وَكَانَ المسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ" أخرجه البخاري، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ أفضل الضحايا: الإبل ثم البقر ثم الضأن ثم المعز، وقال المالكية: أفضلها الضأن ثم البقر ثم الإبل، نظرًا لطيب اللحم، وقال الفقهاء: التضحية بالذَّكر (الفَحَل) أفضل من الأنثى.


فيمن تُجزئ عنه الأضحية:

تُجزئ الأضحية الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته ومَنْ شاءَ من المسلمين، ويُجزئ سُبُعُ البعير أو سُبُعُ البقر (7/1) عمَّا تُجزئ عنه الواحدة من الغنم، بمعنى أن البعير الواحد أو البقرة الواحدة يشتركُ فيها سبعةُ أشخاص، وكل شخص منهم يُضحي عن نفسه وأهل بيته.


وقت الأضحية:

أجمعَ أهل العلم على أنَّ الأُضحية لا يجو ذبحها قبل صلاة العيد من يوم النَّحر، ويمتدُّ وقتُ ذبح الأضاحي من بعد صلاة العيد إلى أخر أيام التشريق (اليوم الرابع من عيد الأضحى).


تفريق الأضحية والانتفاع منها:

يُشرَع للمضحي أن يأكلَ من أضحيته، ويهدي، ويتصدَّق، وقد اختلف العلماءُ في مقدار ما يأكل ويهدي ويتصدق، والأمر في ذلك واسع، لكن المختار أنْ يأكل ثُلُثًا، ويهدي ثُلُثًا، ويتصدق بثلث، وما جازَ أكلُه منها جازَ ادِّخارُه، إلا أنْ يكونَ عامُ مجاعة؛ فلا يجوز الادِّخارُ حينئذِ... ويَحرُم أن يبيعَ شيئًا من الأُضحية لا لحمًا ولا غيره، حتى الجِلْد، ولا يجوز أنْ يعطي الجزَّارَ شيئًا منها مقابل الأجرة أو بعضها، لأن ذلك بمعنى البيع.


فيما يتجنبه من أراد الأضحية:

إذا أراد مسلمٌ أن يضحِّي ودخلَ شهرُ ذي الحجَّة فإنه يحرُم عليه أنْ يأخذ شيئًا من شعره أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أُضحيته، وإذا نوى الأُضحية أثناء العشر أمسكَ عن ذلك من حين نيته، فإذا تعمَّم الأخذ فعليه التوبة، ولا كفارة عليه، وإذا أخذ شيئًا من ذلك ناسيًا أو جاهلًا أو بلا قصد؛ فلا إثمَ عليه، وإنْ احتاجَ إلى أخذه فله أخذُه ولا شيء عليه، مثل أن ينكسر ظفرُه فيؤذيه فيقصُّه، أو يحتاج إلى قصِّ شعره لمداواة جرح، ونحو ذلك... والحكمة في هذا النهي أنَّ المُضحي لمَّا شارك الحاجَّ في بعض أعمال النُّسك، وهو التقرُّب إلى الله تعالى بذبح القٌربان أو الهَدي؛ شاركه أيضًا في بعض خصائص الإحرام؛ من الإمساك عن الشعر ونحوه.


فيما يتعلق بتعيين الأضحية من أحكام:

إذا تعيَّنتِ الأُضحية تعلَّقت بها أحكام، منها: أنَّه لا يجوز التصرُّف بها ببيع أو هبة أو رهن، كما لا يجوز ركوبها أو استعمالها في حرث إلا لحاجة وليس عليها ضرر، ولا يجوز أن يَجُزَّ شيئًا من صوفها إلا أن يكون أنفع لها، وأنه إذا مات المضحِّي وجبَ على وَرَثتهِ التضحية بما عُيِّنَ...إلخ.

فاللهم تَقبَّل أضاحي المُوسِرِين، ووسِّع على المُعْسِرين، وصلَّ الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال